قوله عز وجل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} في هذه الشهادة من الله ثلاثة أقاويل:أحدها: بمعنى قضى الله أنه لا إله إلا هو.والثاني: يعني بَيَّنَ الله أنه لا إله إلا هو.والثالث: أنها الشهادة من الله بأنه لا إله إلا هو.ويحتمل أمرين:أحدهما: أن يكون معناها الإِخبار بذلك، تأكيداً للخبر بالمشاهدة، كإخبار الشاهد بما شاهد، لأنه أوكد للخبر.والثاني: أنه أحدث من أفعاله المشاهدة ما قامت مقام الشهادة بأن لا إله إلا هو، فأما شهادة الملائكة وأولي العلم، فهي اعترافهم بما شاهدوه من دلائل وحدانيته.{قَآئِماً بِالْقِسْطِ} أي بالعدل.ويحتمل قيامه بالعدل وجهين:أحدهما: أن يتكفل لهم بالعدل فيهم، من قولهم قد قام فلان بهذا الأمر إذا تكفل به، فيكون القيام بمعنى الكفالة.والثاني: معناه أن قيام ما خلق وقضى بالعدل أي ثباته، فيكون قيامه بمعنى الثبات.قوله عز وجل: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} فيه وجهان:أحدهما: أن المتدين عند الله بالإِسلام من سلم من النواهي.والثاني: أن الدين هنا الطاعة، فصار كأنه قال: إن الطاعة لله هي الإِسلام.وفي أصل الإسلام قولان:أحدهما: أن أصله مأخوذ من السلام وهو السلامة، لأنه يعود إلى السلامة.والثاني: أن أصله التسليم لأمر الله في العمل بطاعته.{وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} في أهل الكتاب الذين اختلفوا ثلاثة أقاويل:أحدها: أنهم أهل التوراة من اليهود، قاله الربيع.والثاني: أنهم أهل الإِنجيل من النصارى، قاله محمد بن جعفر بن الزبير.والثالث: أنهم أهل الكتب كلها، والمراد بالكتاب الجنس من غير تخصيص، وهو قول بعض المتأخرين.وفيما اختلفوا فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: في أديانهم بعد العلم بصحتها.والثاني: في عيسى وما قالوه فيه من غلو وإسراف.والثالث: في دين الإِسلام.وفي قوله تعالى: {بَغْياً بَيْنَهُمْ} وجهان:أحدهما: طلبهم الرياسة.والثاني: عدولهم عن طريق الحق.قوله عز وجل: {فَإِنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} الآية. فيه وجهان:أحدهما: أي أسلمت نفسي، ومعنى أسلمت: انقدت لأمره في إخلاص التوحيد له.والثاني: أن معنى أسلمت وجهي: أخلصت قصدي إلى الله في العبادة، مأخوذ من قول الرجل إذا قصد رجلاً فرآه في الطريق هذا وجهي إليك، أي قصدي.{وَالأُمِّيِّينَ} هم الذين لا كتاب لهم، مأخوذ من الأمي الذي لا يكتب، قال ابن عباس: هم مشركو العرب.{ءَأَسْلَمْتُمْ} هو أمر بالإِسلام على صورة الاستفهام.فإن قيل: في أمره تعالى عند حِجَاجِهمْ بأن يقول: {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} عدول عن جوابهم وتسليم لحِجَاجِهم، فعنه جوابان:أحدهما: ليس يقتضي أمره بهذا القول النهي عن جوابهم والتسليم بحِجَاجِهم، وإنما أمره أن يخبرهم بما يقتضيه معتقده، ثم هو في الجواب لهم والاحْتِجَاج على ما يقتضيه السؤال.والثاني: أنهم ما حاجُّوه طلباً للحق فيلزمه جوابهم، وإنما حاجُّوه إظهاراً للعناد، فجاز له الإِعراض عنهم بما أمره أن يقول لهم.