سورة آل عمران - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


قوله عز وجل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} في هذه الشهادة من الله ثلاثة أقاويل:
أحدها: بمعنى قضى الله أنه لا إله إلا هو.
والثاني: يعني بَيَّنَ الله أنه لا إله إلا هو.
والثالث: أنها الشهادة من الله بأنه لا إله إلا هو.
ويحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون معناها الإِخبار بذلك، تأكيداً للخبر بالمشاهدة، كإخبار الشاهد بما شاهد، لأنه أوكد للخبر.
والثاني: أنه أحدث من أفعاله المشاهدة ما قامت مقام الشهادة بأن لا إله إلا هو، فأما شهادة الملائكة وأولي العلم، فهي اعترافهم بما شاهدوه من دلائل وحدانيته.
{قَآئِماً بِالْقِسْطِ} أي بالعدل.
ويحتمل قيامه بالعدل وجهين:
أحدهما: أن يتكفل لهم بالعدل فيهم، من قولهم قد قام فلان بهذا الأمر إذا تكفل به، فيكون القيام بمعنى الكفالة.
والثاني: معناه أن قيام ما خلق وقضى بالعدل أي ثباته، فيكون قيامه بمعنى الثبات.
قوله عز وجل: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} فيه وجهان:
أحدهما: أن المتدين عند الله بالإِسلام من سلم من النواهي.
والثاني: أن الدين هنا الطاعة، فصار كأنه قال: إن الطاعة لله هي الإِسلام.
وفي أصل الإسلام قولان:
أحدهما: أن أصله مأخوذ من السلام وهو السلامة، لأنه يعود إلى السلامة.
والثاني: أن أصله التسليم لأمر الله في العمل بطاعته.
{وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} في أهل الكتاب الذين اختلفوا ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم أهل التوراة من اليهود، قاله الربيع.
والثاني: أنهم أهل الإِنجيل من النصارى، قاله محمد بن جعفر بن الزبير.
والثالث: أنهم أهل الكتب كلها، والمراد بالكتاب الجنس من غير تخصيص، وهو قول بعض المتأخرين.
وفيما اختلفوا فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: في أديانهم بعد العلم بصحتها.
والثاني: في عيسى وما قالوه فيه من غلو وإسراف.
والثالث: في دين الإِسلام.
وفي قوله تعالى: {بَغْياً بَيْنَهُمْ} وجهان:
أحدهما: طلبهم الرياسة.
والثاني: عدولهم عن طريق الحق.
قوله عز وجل: {فَإِنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} الآية. فيه وجهان:
أحدهما: أي أسلمت نفسي، ومعنى أسلمت: انقدت لأمره في إخلاص التوحيد له.
والثاني: أن معنى أسلمت وجهي: أخلصت قصدي إلى الله في العبادة، مأخوذ من قول الرجل إذا قصد رجلاً فرآه في الطريق هذا وجهي إليك، أي قصدي.
{وَالأُمِّيِّينَ} هم الذين لا كتاب لهم، مأخوذ من الأمي الذي لا يكتب، قال ابن عباس: هم مشركو العرب.
{ءَأَسْلَمْتُمْ} هو أمر بالإِسلام على صورة الاستفهام.
فإن قيل: في أمره تعالى عند حِجَاجِهمْ بأن يقول: {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} عدول عن جوابهم وتسليم لحِجَاجِهم، فعنه جوابان:
أحدهما: ليس يقتضي أمره بهذا القول النهي عن جوابهم والتسليم بحِجَاجِهم، وإنما أمره أن يخبرهم بما يقتضيه معتقده، ثم هو في الجواب لهم والاحْتِجَاج على ما يقتضيه السؤال.
والثاني: أنهم ما حاجُّوه طلباً للحق فيلزمه جوابهم، وإنما حاجُّوه إظهاراً للعناد، فجاز له الإِعراض عنهم بما أمره أن يقول لهم.


قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِّيِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} قرأ حمزة: ويقاتلون الذين يأمرون، وقيل: إنها كذلك في مصحف ابن مسعود.
وفي {الْقِسْطِ} هنا وجهان:
أحدهما: العدل.
والثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
{فَبَشِّرْهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ} رُوِيَ عن أبي عبيدة بن الجراح قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد عذاباً يوم القيامة؟ قال: رجل قتل نبياً أو رجلاً أمر بمعروف أو نهى عن منكر، ثم قرأ هذه الآية، ثم قال: «يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعاً في آخر النهار من ذلك اليوم».
{فَبَشِّرْهُم} أي فأخبرهم، والأغلب في البشارة إطلاقها على الإِخبار بالخير، وقد تستعمل في الإِخبار بالشّر كما استعملت في هذا الموضع وفي تسميتها بذلك وجهان:
أحدهما: لأنها تغير بَشْرَةَ الوجه بالسرور في الخير، وبالغم في الشر.
والثاني: لأنها خبر يستقبل به البشرة.


قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ} يعني حظاً لأنهم علموا بعض ما فيه. {يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ} في الكتاب الذي دعوا إليه قولان:
أحدهما: أنه التوراة، دعي إليها اليهود فأبوا، قاله ابن عباس.
والثاني: القرآن، لأن ما فيه موافق لما في التوراة من أصول الدين، قاله الحسن وقتادة.
وفي قوله تعالى: {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} ثلاثة أقاويل:
أحدها: نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أمر إبراهيم وأن دينه الإِسلام.
والثالث: أنه حد من الحدود.
{ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ} قال ابن عباس:
هذا الفريق المتولي هم زعماء يهود بني قينقاع: النعمان بن أوفى، وبحري بن عمرو بن صوريا تولوا عنه في حد الزنى لما أخبرهم أنه الرجم، ورجم اليهوديين الزانيين.
فإن قيل: التولِّي عن الشيء هو الإعراض عنه، قيل: معناه يتولَّى عن الداعي ويعرض عما دُعِيَ إليه.
قوله عز وجل: {قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} هذا من قول اليهود، واختلفوا فيها على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها الأيام التي عبدوا فيها العجل وهي أربعون يوماً، قاله قتادة، والربيع.
والثاني: أنها سبعة أيام، وهذا قول الحسن.
والثالث: أنها متقطعة لانقضاء العذاب فيها، وهذا قول بعض المتأخرين.
{وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} فيه قولان:
أحدهما: هو قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه، قاله قتادة.
والثاني: هو قولهم لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات، قاله مجاهد.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8